تعتبر الحياة الزوجية أعظم شراكة يتم إبرامها بين شريكين, ذلك لأنها شركة لا ترتبط بعقد تأسيس محدد المدة, ولا تتباين فيها الحصص بين الشركاء, وتبقى حقوق الشركاء فيها محفوظة وواضحة وفق تنظيم تشريعي يضمن لكلا الطرفين ماله من حقوق وواجبات على الطرف الآخر ويضمن لهما كذلك الخروج بأقل الخسائر فيما لو نحت الأمور منحاً غير إيجابي وتم فض الشراكة بأبغض (الحلال) إلى الله, ورغم وجود هذا التنظيم الإلهي الذي تتقزم أمامه كل تنظيمات وضعية حديثة ادعى واضعوها أنها تتماهى مع روح العصر, نجد أن الكثير من هذه الشراكات تنتهي بأزمة يكون ضحيتها أطفالاً لا ذنب لهم سوى أنهم أتوا لأبوين لم يطبقا مبدأ الشراكة وفق تعاليم ديننا الحنيف في هذا الجانب, وهنا تكمن المعضلة حين يتنكر كل طرف ويتجاهل القيام بحقوقه تجاه الآخر إلى أن تصل الأمور إلى تراشق الاتهامات وتصعيد المشكلة إلى الحد الذي لا يمكن معه إيجاد خط عودة لنقطة العقل والتفاهم البناء, ولا شك أن المتتبع لما ينشر في الصحف وما يكتب في منتديات الانترنت يستطيع تلمس المشكلة إذا ما نظر إليها بحيادية دون الوقوف في خندق بني جنسه ضد الجنس الآخر.
لدينا ظاهرة تستحق الوقوف والمناقشة, ولكن حين نتوقف من أجل المناقشة يجب علينا الالتزام بالحيادية ونبذ التحيز الموجود حالياً والذي لم ولن يوصلنا إلى نقاط الالتقاء والاتفاق, فالنقاش الحالي إذا ما جاز لنا تسميته نقاشاً نجد أطرافه ينقسمون إلى قسمين ليس من أجل وجود رأي ورأي آخر ولكن من أجل أن هناك مجتمع ذكوري يعشق السلطة ويجد نفسه في ممارستها بأبشع الصور بحسب رؤية الطرف الأنثوي الذي يراه الأول بأنه أناني يهتم بالمادة والمظاهر أكثر من اهتمامه بأداء واجباته الزوجية.
وإن كانت المرأة في هذا النقاش ترى أن الرجل مقصرٌ في أداء واجباته بمجرد أنها أوقدت شموعاً ورشت عطوراً في الغرفة المخملية من أجل الحظي بليلةٍ مغرقة في الرومانسية, لا من أجل تلمس حاجة الشريك الفعلية في ذلك الوقت الذي قد يكون فيه بحاجة إلى لمسة حانية تزيح عنه همومه وتشعره بوجود من يهتم بأمره.. فالرجل أيضاً يرى أنه لا يأتي ضمن اهتمام المرأة التي تهتم بالمادة والمظاهر على حساب الحياة الزوجية, وتتبلور أنانية الرجل في هذا النقاش حين يؤمن بأنه أدى كل ما عليه من حقوق وأنه مكافحٌ يكد ويتعب من أجل توفير لقمة العيش الكريمة له ولأهل بيته, ويتناسى أنه صاحب رؤية نفعية بحتة حين ينظر إلى باقي الحقوق المترتبة عليه تجاه زوجته على إنها شكلية ومكملةً.. ويتجاهل هذه الحقوق من أجل الخروج والترفيه عن نفسه دون الالتفات لما قد يحدثه هذا التجاهل في مستقبل الحياة مع الشريك الآخر.
أسفت كثيراً على طريقة النقاش لدينا والتي لم ولن تصل بنا في نهاية المطاف إلا إلى الاختلاف لتبقى الأمور معلقة حتى إشعار آخر.